فضاء حر

السيول والفيضانات الفجائية .. الأسباب والآثار وكيفية الحد منها

يمنات

م. خلدون العامري

مقدمة:
من أجل بقاء الإنسان اليمني وهو حقاً يستحقُ العيش الكريم دون كوارث أو قصف ناري، وحتى لا تتكرر مآسي السيول وعبث الفيضانات التي لم تفرق بين شمال وجنوب ولا بين شرق وغرب، ابتداء بكارثة السيول في الحبيبة عدن اواخر الشهر الماضي ومن ثم كارثة السيول والفيضانات قبل أيام في صنعاء الروح، وأخيراً ماحصل من فيضان يوم أمس في مأرب الحضارة وماتسببت به من خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات .. وحتى لا تتكرر المآساة نناشد جهات الإختصاص القيام بواجباتها انطلاقًا من أسس علمية ومسؤلية انسانية تجاه اليمن ارضا وانسانا .. واسهاما مني أضع بين أيدي العامة هذا التقرير المبسط حتى يعرف الجميع اسباب الكوارث المضارعة وكيفية تلافيها ..

***

يعرف السيل : بأنه جريان الماء على الأرض من المناطق المرتفعة إلى المناطق الأكثر انخفاضًا بفعل قوى الجاذبية، والميل العام لسطح الأرض. ويكون السيل خطراً حين يندفع بكميات كبيرة نحو الأماكن الحيوية محدثاً فيضانات فجائية مدمرة للبيئة ..

وتعرف الفيضانات الفجائية:
بأنها غمر الأرض بالمياه نتيجة إرتفاع المنسوب في الأماكن المأهولة، بشكل أكبر من المألوف، وأعظم من التوقعات. وعادةً ماتكون آثارها مدمرة ..

وتحدث السيول والفيضانات الفجائية نتيجة سببين :
– السبب الأول: نتيجة تساقط أمطار شديدة الغزارة، في فترة زمنية صغيرة، على منطقة صغيرة. وعادةً ماتكون تلك الأمطار مصحوبة بالعواصف الرعدية والرياح العاتية.

– السبب الثاني: نتيجة إنهيار سد يحوى خلفه كميات كبيرة من المياه التي تتدفق دفعة واحدة بسرعة كبيرة مسببه دمار كبير ومكونة للفيضان الفجائي، وعادةً يحدث هذا في المرتفعات الجبلية وسفوحها..

***

تنقسم العوامل المسببه للسيول والفيضانات الفجائية إلى قسمين رئيسين :

القسم الأول عوامل طبيعية:
1- زيادة معدلات الأمطار فوق المعتاد وبالتالي تكون سيول جارفة والمدمرة.
2- تعدد الروافد المغذية للمجرى المائي، فكلما إزدادت الروافد والأودية تزداد المحصلة العامة للسيول وتكون الفيضانات.

القسم الثاني عوامل بشرية:
1- التوسع الحضري في الأودية داخل أو محاذاة مجاري السيول ومصبات الأودية.
2- عشوائية بناء المنشآت الوقائية الخدمية (العبارات، والجسور، وقنوات تصريف السيول) 3- إهمال المعنيين للعوامل الطبوغرافية، والمناخية، والتقليل من الإجراءات الإحترازية المتوقعة للتقلبات المفاجئة على المدى الطويل والقصير.
3- عدم صيانة هذه المنشآت بشكل دوري وبالتالي فشل المهمة التي بنيت لأجلها، وتؤدي في معظم الأحيان لحدوث الكوارث والفياضانات ..

***

أما عن مخاطر آثار السيول والفيضانات فيمكن تقسيمها إلى مخاطر مصاحبة، وأخرى لاحقة.

نوجز المخاطر المصاحبة بالآتي:
1- وفاة البشر ونفوق المواشي بسبب الغرق.
2- تشرد السكان الذين تتعرض مساكنهم للسيول والفيضانات.
3- فقدان السيارات والمنشئات الصغيرة الموضوعة جانبي الطرقات بسبب جرف السيول لها.
4- تهدم وتخلخل الهياكل الخرسانية كالطرقات، والجسور، والمباني، والمنشئات الحيوية، والصناعية الثابتة في مواقعها.
5- تلف شبكات المياه وإنسداد شبكات الصرف الصحي.
– اشتعال الحرائق نتيجة تماس الكهرباء.
6- انجراف التربة وتعرية المناطق المنحدرة، وتلف المحاصيل، وتكسر الأشجار.

بينما نوجز المخاطر اللاحقة بالآتي:
1- انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة نتيجة تكون البرك والمستنقعات المختلطة بالنفايات ومخرجات الصرف الصحي ..
2- تلوث المخزون المائي في الأحواض نتيجة حقنها بالسيول الملوثة بمخلفات المعامل والمواد الكيمائية والصرف الصحي .
3- تغير التركيبة البيلوجية للتربة، وانتشار الأمراض الزراعية المنقولة عن طريق المياه .
4- نقص الامدادات الغذائية وخسارة المحاصيل وتلوث الجزء المتبقي منها.
5- تعرض العاملين للأضرار الجسدية والمشاكل الصحية اثناء معالجة آثار السيول والفيضانات.

***

وللحد من مخاطر السيول والفيضانات يجب التقيد بالعوامل التي تسهم في التقليل من المخاطر وهي :

1- تفعيل مراكز الرصد وقياس كميات الأمطار الساقطة وحجم السيول، وتوفير المعلومات المناخية الحديثة وذلك بمواكبة بيانات الأقمار الصناعية الصادرة من مختلف الموديلات العالمية العاملة وتحليلها أولاً بأول.
2- دراسة وتحليل الكوارث السابقة من خلال جمع المعلومات حول تكرار وحدوث الفيضانات والسيول والاستفادة من السجلات والإحصائيات السابقة ومعالجة مواقعها حتى لا تتكرر.
3- إعداد خرائط توضيحية لمسار مجرى المياه ومنسوبه، وحضر أعمال الإستحداث فيه، والعمل على إزالة المنشئات القائمة إن وجدت.
4- مراعاة انحدار وحجم مسارات مجاري الأودية ومصبات المياه عند إصدار مخططات مستقبلية (وحدات سكنية، طرق، جسور، عبارات، انفاق، مصانع، مزارع).
5- استخدام التقنيات التقليدية مثل الحواجز والكسارات التحويلية في المرتفعات للحد من سرعة تدفق مياه السيول أعالي الأودية، أو الإلتفاف والإطالة في السفوح والسهول المنبسطة.
6- تفعيل مركز الإنذار المبكر واستحداث أساليب وطرق تتناسب مع المجتمع. من خلال إيصال الرسالة التحذيرية في وقت مبكر، وإعداد برامج توعوية بمختلف الوسائل التعليمية والإعلامية (المرئية، والمسموعة، والمقرؤة، ومواقع التواصل الإجتماعي) لتوعية السكان بمخاطر السيول، وخطورة البناء والإقامة في مجاري الأودية، وتوضيح كيفية التعامل مع السيول والفيضانات قبل وأثناء وبعد حدوثها.
7- تفعيل الدفاع المدني وتجهيزة بما يلزم لمواجهة الأحداث الطارئة ..

***

ختاما ومع تزامن موسم الأمطار الموسمية الغزيرة على يمننا الحبيب لهذا العام التي آهِ كم رأينا فيها من الألم هنا وهناك، وكم كانت العواقب قاسية في أحيان كثيرة، في ظل صمت وتجاهل الجهات المعنية بتلافي المخاطر .! فالطبيعة متوحشة إذ تلتهمُ ماتجد في طريقها؛ فهي لا تفرق بين صغير أو كبير وبين منزل وآخر ..
على كل، لن نيأس.. فنهاية كل نفق مظلم ثمة أمل يشع أو ابتسامة (وكم نتمنى ذلك.!).

فالخطر مستمرٌ، ومالم نكافح بجد للحيلولة على ألا تتكرر المشاهد القاسية وذلك بتجشم عناء الدفاع واستشعار المسؤلية ، وها قلوبنا على استعدادٍ لكل شيء. والنصر حليفنا ..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى